بوابة الشريف
بوابة الشريف
بوابة الشريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بوابة الشريف

افلام اون لاين برامج الكتب السلاميه الشعر والشعراء الترفيه والطفل عالم ادم&وحواء قسم الديكور البرامج وصيانة كمبيوتر
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هل تعرف ربك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوعبيده
نائب المدير
نائب المدير
ابوعبيده


تاريخ التسجيل : 26/02/2011
الموقع :

هل تعرف ربك   Empty
مُساهمةموضوع: هل تعرف ربك    هل تعرف ربك   Emptyالخميس نوفمبر 10, 2011 9:22 pm

هل تعرف ربك

حقا هل تعرف ربك
ما هي علامات معرفتك بربك
هات الدليل على صحة ما تقول
أجب عن الأسئلة التالية للتعرف على صحة ما تقول
ما معنى المنان
ما معنى الأول والآخر
ما معنى الظاهر والباطن
ما معنى الملك القدوس
ما معنى البارئ
ما معنى الرافع
هل علمت الآن مدى معرفتك بربك
قال صلى الله عليه وسلم( إن لله تسعة وتسعون اسم من أحصاها دخل الجنة )


إذا أردنا معرفة ربنا حقا فالواجب علينا معرفة أسماه وصفاته .
على ماذا تدل ؟ وماذا تهدف إليه ؟؟
فالإنسان عندما يتعلق قلبه بشخص ما يصبح همه الأول والأخير معرفة أسمه ومعناه, معرفته عن قرب , الجلوس والتحدث معه , ويطمح في إرضائه بشتى الطرق , كيف لا وهو المحبوب .
ولله المثل الأعلى .
يا من بحب ربك تدعي ..
وتنادي به وترتجي ..
أفهمت حقا دعوتي ..
ألجنة حقا تبتغي ..
أعرف حبيبك ترتقي ..
ومن هذا المنطلق ( أعرف حبيبك ترتقي ** ) سوف نتعرف على حبيبنا ( الله جل جلاله ) بمعرفة معاني أسمائه الحسنى ..
وهنا أطلب من الجميع المشاركة معي في هذا الموضوع , والتحدث كل عضو منا في يوم عن اسم من أسماء الله تعالى حتى نعرف حبيبنا أكثر , وأنا أول من يبدأ ..


الله الإله


إن أصول الأسماء الحسنى التي تجمع في دلالاتها معاني سائر أسماء الله ثلاثة أسماء وهي " الله , الرب, الرحمن " فهذه الأسماء الثلاثة تنتظم في دلالاتها جميع أسماء الله , وأسماء الله تدور عليها وترجع إليها ,فاسم "الله " متضمن لصفات الألوهية , واسم الرب متضمن لصفات الربوبية , واسم الرحمن , متضمن لصفات الإحسان والجود والبر , ومعاني أسماء الله تدور على هذا , وقد اجتمعت هذه الأسماء الثلاثة في سورة الفاتحة أم القرآن .
واسمه تبارك وتعالى " الله " اسم ذكر جماعة من أهل العلم أنه اسم الله الأعظم , الذي إذا دعي به أجاب , وإذا سئل به أعطى , ولهذا الاسم خصائص وميزات اختص بها .
فمن خصائص هذا الاسم أنه الأصل لجميع أسماء الله الحسنى , وسائر الأسماء مضافة إليه ويوصف بها قال تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) *الأعراف :180 * وقال تعالى ( الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ) *طه :8* وقال تعالى ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم "22" هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون"23" هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ) الحشر .


ويقال : الرحمن الرحيم الخالق الرازق العزيز من أسماء الله , ولا يقال : الله من أسماء الرحمن الرحيم أو من أسماء العزيز , ونحو ذلك .
ومن خصائص هذا الاسم أنه مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى , دال عليها بالإجمال والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التي هي صفات الجلال والكمال والعظمة , فهو الاسم الذي مرجع سائر أسماء الله الحسنى إليه , ومدار معانيها عليه .

ومن خصائصه أنه لا يسقط عنه الألف واللام حال النداء , فيقال : يا الله , فصار الألف واللام فيه كالجزء الأساسي في الاسم , وأما سائر الأسماء الحسنى فلا يقال فيها :يا الرحمن , يا الرحيم , يا الخالق , وإنما يقال : يا رحمن , يا رحيم , يا خالق .
ومن خصائصه أنه الاسم الذي اقترنت به عامة الأذكار المأثورة , فالتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح والحوقلة و الحسبلة والاسترجاع والبسملة مقترنة بهذا الاسم غير منفكة عنه , فإذا كبر المسلم ذكر هذا الاسم , وإذا حمد ذكره , وإذا هلل ذكره , وهكذا في عامة الأذكار .

ومن خصائصه أنه أكثر الأسماء الحسنى ورودا في القرآن فقد ورد هذا الاسم في القرآن أكثر من ألفين ومائتي مرة , وهذا مالم يقع لاسم أخر .
وأما معنى الاسم , فأصله الإله , وهو بمعنى المعبود , والإله اسم من أسماء الله الحسنى , وقد ورد في القرآن الكريم ( و إلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) "البقرة : 163"
هذا وإن أجمع وأحسن ما قيل في معنى الله ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ( الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين )رواه ابن جرير في تفسيره



ويجئ دور كل منا بكتابه
معانى حول اسم من اسماء الله الحسنى


الودود


كلمة الود تجدها في أي مُعجم بمنتهى الوضوح بمعنى الحب والحنان. يجب أن تعلم بأننا نتحدث عن اسم اختاره الله تبارك وتعالى لنفسه، يُعامل به عباده. هل أنت مُدرك لذلك؟ ما الذي جعل الله يختار لنفسه هذا الاسم.. الودود؟
قالوا العلماء في معنى الودود: انه أصفى الحب وأنقاه.. أعلى درجات الحب. وأصفى الحب الذي ليس فيه حِقد. تستطيع أن تُحب ولكن في نفس الوقت ربما تجد نفسك قد حقدت على هذا المحبوب، أما الله تبارك وتعالى فـ حاشا وكلا، فالله أصفى الحب وأنقاه. وقالوا ودود: الذي يتودد ويُحب أولياءه وأنبياءه وعبادهُ الصالحين. وقالوا الودود: الذي يُحَب وهنا العكس.. فهو الذي يُحبه عباده الصالحين من ملئ قلوبهم، فيملئ حُبه سمعهم وبصرهم وقلوبهم وجوارحهم ودمائهم وأرواحهم فيكون أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وكل ما في الأرض، ولعل هذا المعنى هو ما أشار إليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ذاق طعم الإيمان ).
إذن نقول أن الودود سبحانه وتعالى، وكونه أيضاً في معنى اسم الله الودود: الذي تقرب إلى أولياءه وتحبب إلى أولياءه بالقرب منهم، وتحبب إلى المذنبين بالرحمة والمغفرة، وتحبب إلى الخلق كل الخلق بالعطاء والرفق في الكون. الودود سبحانه وتعالى الذي يتودد إلى عباده بالحنان والعطف والحب، فيحنوا عليهم ويُحبهم ويُعطيهم. أنت المُخاطب بهذا الاسم.. هل لك أن تتخيل ذلك؟!

كل واحد منا له أشخاص في حياته ودودين وتعلق بهم.. أليس كذلك؟ ولله المثل الأعلى. فما بالك بالله الذي من أسماءه الحسنى الودود؟ هل تذكرون هذا الحديث؟ (ما السماء الأولى في السماء الثانية إلا كحبة في صحراء وما الثانية فيالثالثة إلا كحبة في صحراء وما الثالثة في الرابعة إلا كحبة في صحراء وما الرابعة في الخامسة إلا كحبة في صحراء وما الخامسة في السادسة إلا كحبة في صحراءوما السادسة في السابعة إلا كحبة في صحراء وما السابعة في العرش إلا كحبة في صحراء وما العرش في الكرسي إلا كحبة فيصحراء، وسع كرسيه السموات والأرض). ما حجمك إذن في هذا كله؟! بالتأكيد صغير جداً ولكنه سبحانه وتعالى يُحبك وقد سمى نفسه الودود.. هل تتخيل ذلك؟

عليك أن تعرف أن ما نقوله الآن هو عقيدة.. كيف؟ كما توقن أنه الخالق سبحانه وتعالى وتؤمن به، لابد أن توقن يقيناً تاماً بأنه الودود، وتكون عقيدة ثابتة في قلبك أن الودود سبحانه وتعالى الذي يُحب عباده ويحنوا عليهم، ولذلك تجد اسم أخر وهو "الحنَّان"، وقد ورد في بعض الأحاديث ووردت إشارة له في القرآن { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا... } مريم13. يجب أن تشعر بأن الله يحبك ويتودد إليك، فتصبح عبد الودود.

أتذكرون هذا الحديث؟ ( ما فيشبر في السماء إلاوفيه ملك قائم أو راكعأو ساجد إلى يوم القيامة، فإذا قامت الساعة قاموا من عبادتهم يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ). أرأيت؟! ومع ذلك يتودد إليك سبحانه وتعالى رغم أنك صغير جداً في مُلكه وهو الغني عن عبادتك، فهناك من يعبده أكثر منك كالملائكة، لكنك مخلوق غالي على الخالق، فسمى نفسه الودود ويتودد إليك سبحانه وتعالى.




ما الفرق بين الود والحُب؟
الود أشمل وأعم وأكبر من الحب.. كيف؟ الحب هو المشاعر الداخلية ما تُكنه في قلبك للآخرين. الود هو التعبير عن هذه المشاعر بالأفعال. لماذا لم يسمي نفسه الحبيب؟ لأن الود أشمل. ألنا كل ذلك يا رب..؟ نريد أن نستشعر بشيء من الحياء والخجل أو بشيء من الحب الشديد لله تعالى عند سماع اسم الله الودود. الحب مشاعر داخلية والود تصرفات وأفعال. الحب إحساس داخلي والود ترجمة وتحويل المشاعر الداخلية لأفعال وتصرفات. ولذلك أنا أُكن لك مشاعر جميلة.. هذا حب، ولكن عندما ابتسم في وجهك أو أعطيك هدية.. فذلك ود. ولله المثل الأعلى فهو الذي سمى نفسه "الودود".

إذن فكل ودود مُحب وليس كل مُحب ودود. ولله المثل الأعلى. هناك حديث واضح جداً يبين لك هذا الفرق ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل، يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه - لماذا؟ لأنه الودود سبحانه وتعالى –فينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهلالسماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) ما شعورك الآن بالودود؟؟

ما الفرق بين الودود والرحيم والغفور والتواب..؟ ربما يشعر البعض أن هذه الأسماء متقاربة ولها نفس المعنى... بل الفرق كبير واشرح لك بمثل.
الإنسان مخلوق ضعيف، احتياجاته لا تنتهي. محتاج للطعام والشراب، فيتجلي الله عليه باسمه الرزاق.. أليس كذلك؟ محتاج للحماية والحفظ، فيتجلى الله عليه باسمه الحفيظ. محتاج للتربية والإصلاح، فيتجلى الله عليه باسمه الرحيم. محتاج للتعليم والفهم، فيتجلى الله عليه باسمه الفتاح العليم. محتاج قوة وعزة، فيتجلى عليه باسمه العزيز. كل ذلك يحتاجه، ولكنه يحتاج إلى شيء هام جداً ألا وهو الحنان والعطف. فالله تبارك وتعالى تجلى عليه بالرحيم والكريم والرزاق والعزيز، ولكنه مازال يحتاج لشيء أخر.. فتجلى عليه باسمه الودود. أرأيت كم هو عليم باحتياجاتك؟ فاحتياجاتك المادية.. الرزاق، واحتياجاتك الروحية.. الودود سبحانه وتعالى.

هل تعلمون احتياجات الطفل من والديه؟ ولله المثل الأعلى.. يحتاج أن يُعلّموه ويُربوه ويصرفوا عليه الأموال ويُلبسوه ويُطعموه.. أهذا كافٍ؟ بل يحتاج لشيء أخر اسمه الحنان والعطف. يقولون علماء النفس بأن الطفل يمتلئ ثقة في نفسه عندما يقول له أبيه "إني لأحبك"، ويمتلئ حنان وفرحة عندما تقول له أمه "إني أحبك".. ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى.

الله سبحانه وتعالى جعل الكون كله قائم على نظام الأب والأم في حياتنا.. ليس فقط للتربية ولكن لهدف معرفة الله عز وجل. لذلك يقول النبي دائماً ( لللّه أرحم بكم من الأم الشفيقة بولدها ). وكأن هذا النموذج لتِعرف به كيف يحبك الله.

يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: " لو قيل لي يوم القيامة سنطلق حسابك لأبيك وأمك لرفضت، لأن الله سيكون أرحم بي من أبي وأمي"
هذه الكلمة لمن يعرف الودود حقاً كسيدنا علي، فهو يعيش مع أسماء الله الحسنى ويعرفها جيداً.

الودود يتودد إليك بطريقتين:
1- الود العام
ود لكل البشر مسلمهم وكافرهم، مؤمنهم وغير مؤمنهم، فاجرهم وعاصيهم.. لماذا؟ لأنه الودود سبحانه وتعالى، ثم ود خاص للمؤمنين.
انظر إلى الكون وخلق الله في كونه، فكلما نظرت في صفحة الكون لوجدت دلائل تودد الله تبارك وتعالى إليك. الشمس، القمر، الأنهار، البحار، الورود.. وكل هذه الأشياء لها وظائف لديمومة الحياة، ولكن نفس هذه الأشياء جعل الله فيها دلائل وده. كان من الممكن أن تكون هذه الأشياء جافة وصماء، ولكن انظر إلى الودود ماذا يفعل مع كل عباده. هل تذكر الشمس وقت العصر، والجلسات الطيبة..؟ أتذكر الشمس وقت الشروق؟ أتذكر الشمس في لحظة الغروب وما تفعله في القلب..؟! ما وقع في القلب هذا هو من الودود سبحانه وتعالى.

الليل له دوره.. ليرتاح الناس وينامون، ولكن انظر إلى الودود { وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } الضحى2 فالليل يأتي بنسماته العليلة ويجلس الناس يتسامرون فيه، ويخلوا الحبيب بحبيبه في لحظات الليل الرقيقة الجميلة. كان من الممكن أن يكون ليلاً مُظلماً موحشاً.. ولكنه الودود سبحانه.
اسم الله الودود تجده أمامك دائماً، وانظر إلى هذه الآية الكريمة { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } الفرقان 45
بماذا يعبر هذا الظل..؟ يعبر عن الود من الله سبحانه وتعالى، فقد جعله من أجلك. وقد جاءت هذه الآية في سورة الفرقان، وسورة الفرقان تتحدث عن إيذاء الكافرين للنبي وكيف أن الله تبارك وتعالى ودود ورحيم به صلى الله عليه وسلم وليعلمه مثلما أن الكون ودود به، سيكون الله تعالى ودود به.

هناك ملايين الأنواع من الأسماك.. كم نوع منها يؤكل..؟ قليل.. ولما الباقي؟! زينة ومناظر جميلة! انظروا إلى الكون بطريقة جديدة.. الودود سبحانه وتعالى. الأزهار التي لا تؤكل.. لماذا؟ من أجل الشكل الجميل والرائحة ومن أجل صناعة العطور، فكلما رأيت وردة تذكرت الودود سبحانه وتعالى. هناك ملايين الأنواع من الطيور.. كم نوع منها يؤكل..؟ قليل جداً.. والباقي؟! من الودود سبحانه وتعالى. جعل الله لك مئات الأنواع من الفاكهة وبألوان مختلفة.

أعطيك مثل ولله المثل الأعلى. عندما تكون معزوماً عند شخص في بيته ووضع لك على مائدة الطعام الأرز واللحم والماء.. ألم يكرمك؟ ألم يضيفك؟ نعم، ولكن فرق كبير أن تذهب لبيت أخر وتجد فيه على مائدة الطعام كل ما لذ وطاب وعشرة أنواع من الفاكهة وورود وعطور. فالأول قد أطعمك وأما الثاني تودد إليك.
يجب عليك أن تُعيد النظر في الكون بوسعه مرة أخرى ولتعلم أنه مسجد كبير حتى تعرف الودود سبحانه وتعالى وتتودد إليه.

2- الود الخاص
ليس للأنبياء فقط وليس للشهداء فقط، بل الود لعباده المؤمنين. واستمع إلى هذه الآية التي ستجعلك تذوب شوقاً للودود سبحانه وتعالى.. { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } مريم96. إن تؤمن وتعمل الصالحات سيكون لك ود خاص، وكلمة "سيجعل" هنا ممتدة. سيجعل في الدنيا؟ نعم.. سيجعل في القبر؟ نعم.. سيجعل يوم القيامة؟ نعم.. سيجعل في الجنة..؟ نعم.. الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولم يقل الشهداء ولم يقل الأنبياء.
مظاهر ود الله تبارك وتعالى
1- مع النبي صلى الله عليه وسلم: أتذكرون كيف كان غار حراء؟ هو جبل ولكنه على شكل حُضن. أتذكرون أول شيء فعله جبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ ضمهُ بالحُضن شوقاً. أتذكرون عندما تعرض النبي لإيذاء شديد؟ فتنزل الآية الكريمة تقول له {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا...} الطور48 أنت مُحاط برعايتنا.. أليست وداً؟ وعندما مات ابنه صلى الله عليه وسلم، فقالوا مُحمد ابتر، فينزل قرآن مخصوص لرسول الله { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } الكوثر1-3
خرج صلى الله عليه وسلم من مكة، فيبكي لفراقها، فينزل القرآن { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ...} القصص85. فالود مُتصل.
يُؤذى النبي الأكرم ويُجرح يوم غزوة أحد ويموت سبعون من الصحابة، وقلوب بقية الصحابة مجروحة، فينزل القرآن الكريم كله ود ورحمة وحنان { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران 139-140. فماذا تسمي هذه الآيات غير أنها وداً وحناناً { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا... } مريم13

انظر إلى النبي عندما تأخر عنه الوحي ستة أشهر، وبدأت قريش تضحك وتقول: رب مُحمد قلاه – ودّعه – والنبي صلى الله عليه وسلم يتألم ألم شديد، فتنزل سورة كاملة من القرآن {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى } الضحى1-7
أريدك أن تتخيل حبيبك صلى الله عليه وسلم وهذه الآيات تنزل عليه من رب العالمين مالك المُلك.. ما هو شعوره صلى الله عليه وسلم؟! . كلمة "ألم" تُذكر ثلاث مرات، وانظر إلى الود في كلمة " فآوى" وكأنها حُضن رقيق، وانظر إلى السورة وقد بدأت بالضحى والليل، فأراد الله تعالى أن يضرب له مثل بالكون في أفضل لقطات الود التي فيه، وأقسم بالليل في لحظات الصفاء الرقيقة وليس بالليل الموحش. اقرأوا سورة الضحى واستشعروها جيداً وراجعوا تاريخكم وما فات من حياتكم لتعرفوا الودود، وأن الود في الكون مرتبط بالود في حياتنا.

ليس هذا فقط.. هناك سورة أخرى { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } الشرح1. انظر إلى الود في قلبك كيف هو من الله سبحانه وتعالى. كم مرة بكيت؟ كم مرة خشعت؟ كم مرة قلت له أحبك يا الله؟ كم مرة أحسست بالقرب والحنان..؟ من لم يشعر بذلك فهو إما أنه سبحانه وتعالى يتودد إليك وأنت لست منتبهً لذلك وهذه مشكلة، وإما أنه لا يتودد إليك لأنك لا تستحق، فهذه مُصيبة.

الودود يحبك أن تذهب إليه، تُكلمه. هناك فرق بين الدعاء والفضفضة وأن تشكوا إلى الله همك، لأنه الودود سبحانه وتعالى. عندما تُحب إنساناً ويكون مُتعباً.. ماذا يفعل؟ يقول لك سآتي لأشتكي إليك ولا أريد منك شيئاً غير الفضفضة.. ولله المثل الأعلى. فهل جربت أن تذهب إلى الله الودود سبحانه وتعالى..؟ هذا المعنى هام جداً والكثير من الناس لا يلتفتون إليه.
تكلم مع الودود سبحانه وتعالى وأنت مستلقي على فراشك، واشتكي إليه واستشعر قربك منه، فهذه عبادة رقيقة جداً، وما إن تفعلها إلا وتجد حلاوة في قلبك عجيبة، هذه الحلاوة تعرف أنها من الودود سبحانه وتعالى.
سيسألني البعض أين أصل هذه العبادة؟ سأخبرك على أصلها من القرآن.
2- أم مريم وزوجة عمران. هي تريد أن تنجب ذكراً يُحرر المسجد الأقصى وهذه أمنيتها.. انظر معي إلى هذا الحوار وهذه المناجاة في سورة آل عمران {... رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً – خالص لك وحدك ومحرراً من أي قيود -فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ } آل عمران35-37. فكانت الأم صادقة في العلاقة وكانت قريبة ومتصلة بالودود.. وكانت تناجيه سبحانه وتتساءل.. هل تستطيع هذه البنت أن تفعل شيئاً من أجل الدين؟ فهي ليست كالذكر، ومن الذي سيربيها وأنا عجوز؟ فانظر معي إلى هذه الآيات التي تود هذه المرأة التي ذهبت إلى الودود لتكلمه بصدقٍ { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً } آل عمران37.

3- انظر إلى أيوب عليه السلام عندما أصابه المرض {... رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } الأنبياء83 وانظر إلى الآية التي بعدها{ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ... }الأنبياء84 أين الدعاء؟!
4- { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } الأنبياء87 وانظر إلى الآية التي بعدها { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ...} الأنبياء88 أين الدعاء؟!

هذه العبادة وهذه المناجاة تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى باسمه الودود، فهو يحب أن يسمعك ويحب أن تذهب إليه. هل تستطيع أن تفعل ذلك وتذهب للودود بهذه الطريقة؟؟

انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الطائف لما ضُرب وأوذي يقول ( اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب العالمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي. إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ) أين الدعاء؟!
ما هذا إذن..؟ هذا مناجاة، تُكلم الله فيها وتشكوا إليه.. ذاهب للودود. نريد أن نمارس هذه العبادة ونعلمها لأولادنا كيف يعبدوا الله ويتوددوا إليه بها.



الودود مع عباده
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } مريم96 { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } البروج 14- 15. أكثروا من الصالحات وانتظروا الود الجميل من الودود. أي تشريف أكثر من ذلك..؟!
استمع لهذه الآيات وهذه الأحاديث التي تعرفك بالودود سبحانه وتعالى في أمور كثيرة. يقول الله تبارك وتعالى { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } المائدة54 وبدأ بنفسه سبحانه وتعالى.

اسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تبارك وتعالى يُنادى يوم القيامة: يا آدم إن الله يأمرك أن تُخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، فيقول آدم: يارب وكم بعث النار، فيُقال له من كل ألف، تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فعندما قال النبي هذا الحديث، غطى الصحابة وجوههم وسُمع لهم صوت بكاء، فدخل النبي بيته فنزل جبريل. يقول لك الله: لما تُقنط عبادي.. اخرج إليهم فبشرهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد، وإني لأرجوا أن تكونوا رُبع أهل الجنة، فكبرنا.. فقال النبي: وإني لأرجوا أن تكونوا ثُلث أهل الجنة، فكبرنا.. فقال النبي: وإني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة). الودود يحب أن يستبشر عبادة ويفرحوا.

يقول النبي ( عُرضت عليّ الأمم يوم القيامة، فرأيت النبي يأتي ومعه الرجل، ورأيت النبي يأتي ومعه الرهط، ورأيت النبي يأتي وليس معه أحد، ثم رُفع إليّ سوادٌ عظيم – أي عدد كبير من الرؤوس –فقلت أمتي أمتي، فقيل لي لا، هذا موسى وقومه. ولكن انظر إلى الطرف الأخر، فنظرت فإذا سواد يسُد الأفق، فقيل لي هؤلاء أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فقال النبي فاستزدت ربي فزادني على كل ألفٍ سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب )

يقول النبي ( عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله.. ) فهنيئاً لك من الودود، فهذه العين حُرّمت على النار.
اسمع لهذا الحديث القدسي ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ) تعود أن تذكر الله..
{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } البقرة152
( من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملئ، ذكرته في ملئ خير منه ) أليس ودوداً..؟؟

يأتي أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، اسمه عثمان بن أبي طلحة ويقول له: يا رسول الله أشتكي من وجع في جسدي، فيعلمه النبي أن يكون بينه وبين الله علاقة قريبة، فقال له النبي: ضع يدك على مكان الوجع وقل باسم الله ثلاث مرات ثم قل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات. يقول ظللت أفعلها فذهب عني الوجع، ووالله من يومها وأنا أعلمها لأهلي ولكل من أعرف.

كان يجلس النبي يوماً في بيته، فقام وذهب إلى المسجد ليجد مجموعة من الصحابة يجلسون، فقال لهم: ما أجلسكم؟ فقالوا جلسنا نذكر الله يا رسول الله. قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا هذا. فقال النبي: إني لم أسألكم تُهمة لكم، ولكن بلغني أن الله يباهي بكم الملائكة. أرأيتم كيف يحبنا الودود..؟؟
اسمع الودود سبحانه وتعالى وهو يقول ( من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ) أرأيتم؟!
وفي الأثر ( يا داوود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إلي. يا داوود هذه رغبتي بالمدبرين عني فكيف محبتي للمقبلين علي )

الودود يعاتبك بود { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } الحديد16. فعتابه ليس مؤلماً.
الودود سبحانه وتعالى مع النساء في الحجاب { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ – بقربهم مني -فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب59. فالحجاب دليل على قربها من الله فلا يتعرض لها أحد بسوء. هل فكر أحد في الحجاب بهذا الشكل..؟ لو فهمتي الحجاب بهذا الشكل لذبتِ شوقاً إلى الحجاب من الودود سبحانه وتعالى.


الودود الذي غرس في كل قلوبنا الود بيننا وبين بعض.. أليس كذلك؟؟ الجلسات النقية الطاهرة التي تجمع بين الأصدقاء. الجلسات العائلية والفرحة التي تغمرهم وأولادهم بينهم. أليست من الودود سبحانه وتعالى؟
فترة الخطوبة والعقد.. لهفة الاثنين على بعض { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...} الروم21. أليست هذه من الودود سبحانه وتعالى؟

ابحث في الكون، ابحث في حياتك الشخصية، ابحث في القرآن.. ستجد الودود في كل مكان يُناديك ويدعوك إلى محبته سبحانه وتعالى.
دموع الأم وهي تودع ابنها للسفر.. أليست هذه من الودود؟

العُمرة.. قالوا سميت العُمرة بهذا الاسم لأنها زيارة تُعمّر الود بينك وبين الله سبحانه وتعالى ولإعمار الود بين العبد وبين الله تعالى.. أليست العُمرة من الودود؟ ألا تلاحظ أن ما تردده حتى تصل إلى الكعبة هو " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك " يقول أحد التابعين أثناء كلمات التلبية " طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك ".
رؤية الكعبة تجعلك تشتاق إليها ويهفوا قلبك حباً لها، فما بالك بالنظر للودود سبحانه وتعالى يوم القيامة؟! { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } القيامة22-23
( إنكم سترون ربكم كما ترون البدر في ليلة التمام ).

الودود في الجنة
•يقول النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الجنة ( قلوبهم قلب واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض )، كمال الود. في الدنيا أنت تريد شيئاً وأنا أريد شيئاً أخر، وأما في الجنة فـ لا.
•الودود في الجنة: يشتاق الأخ إلى أخيه في الجنة، فيُقرب الله سرير هذا من سرير هذا، فيقول الأخ لأخيه: أتذكر متى غفر الله لنا؟ فيقول له نعم، يوم كذا وكذا. فالآية الكريمة تقول { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } الطور21 أليس ذلك من الودود..؟
•هل عرفت الآية التي تتكرر كثيراً في القرآن من الودود؟ { عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } الحجر47.
كيف نحيا باسم الله الودود؟
1-اذهب إلى الله بمنتهى الحب وأملئ قلبك بحبه ( أحبوا الله من كل قلوبكم ).
2-كُن على يقين شديد بأن الله يتودد إليك فلا تنسى ذلك.
3-كُن ودوداً مع الناس، مع زوجتك، مع عائلتك، مع طلابك إن كنت مدرساً، مع موظفيك إن كنت صاحب شركة. إن كنت ضابط شرطة كُن ودوداً مع الناس وعاملهم برقة وعطف.. تعلم من نبيك الود مع الناس، تأتيه قبيلة أسلمت أسمها أسلم، فيقول أسلم سالمها الله.. اختار الكلمات الودودة. يأتيه قبيلة اسمها غفار، فيقول غفار غفر الله لها. يأتيه أهل اليمن فيقول لهم يأتيكم أهل اليمن أرق أفئدة. يأتيه عكرمة بن أبي جهل، فيقول لهم يأتيكم عكرمة فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت. هل تستطيع أن تكون ودوداً بهذه الطريقة..؟
سيدنا علي بن أبي طالب يذهب ليدعوا قبيلة همدان في اليمن فيسلموا على الفور، فيقول لهم كلمات رقيقة جداً، فقول: ولو كنت بواباً على باب جنةٍ، لقلت لهمدان ادخلوا بسلام. هل تستطيع أن تكون ودوداً بهذا الشكل؟
انظر إلى النبي وهو يتودد للجماد، يقول: أُحد جبل يُحبنا ونُحبه، ويمسح عليه ويقول له: أثبت أُحد فإن فوقك نبي وصديق وشهيدين.
التواب
اسم اليوم هو دعوة ربانية تجدد الأمل في حياتك، دعوة ربانية للمجتمع كله وللناس جميعا، اسم اليوم هو اسم الله التواب. لنتب في بداية رمضان، لنتب كي نعتق وكي يقبلنا، فلو كنا نحن من نرجوه أن يقبل التوبة لكان الأمر فيه بعض الصعوبة ولكنه سبحانه وتعالى هو من يعرض.
معنى الاسم..
معنى تاب أي رجع، وتاب وثاب وآب هم بنفس المعنى، فالله التواب يقبل كل من رجع إليه ولا يرده، وهذا هو ملخص الحلقة! يقول الله تبارك وتعالى: ((وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ..))(الشورى:25)وهذه الآية جميلة جداً فمن الممكن أن تعتذر لإنسان ولا يقبل اعتذارك لأن حجم خطأك غير محتمل، أما الله سبحانه وتعالى فمتى ذهبت إليه قبلك، وهناك أمر آخر فمن الممكن أن تخاف من الاعتذار خوفاً من عدم قبول الاعتذار ومن الإحراج ولله المثل الأعلى، أما الله سبحانه وتعالى فيقول لك بهذه الآية لا تُحرج فسوف تُقبل.
ودائماً ما نجد كلمة القبول مع كلمة التوبة في القرآن كما في الآية السابقة وأيضا ((غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ..)) (غافر:3)، والآية الجميلة: ((أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ..))(التوبة:104).. فالله لن يردك أبداً ويا لها من آية جميلة تذوقوها، وبعد ما قلناه الآن فهل تتوب أم أن الذنب متغلغل في قلبك بشدة ولا تستطيع التخلص منه؟
لمن التوبة؟
من هو المخاطب بالتوبة واسم الله التواب إنهم ليسوا فقط العصاة والمجرمين والغافلين عن الله والمترددين بين الذنوب والطاعات بل وحتى المؤمنين.. فكلنا مخاطبون، تقول الآية: ((..وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))(النور:31) إن التوبة لأصحاب الكبائر.. للزناة، وما أكثر الزنا في بلادنا مؤخراً ! تقول الآية: ((..وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ..)) (الفرقان:68-70)، التوبة أيضاً للعاق لأبيه وأمه، التوبة من الرشوة التي انتشرت في بلادنا فالراشي والمرتشي في النار، التوبة من شرب الخمور فقد لعن الله شاربها وحاملها وساقيها وبائعها، للقنوات الفضائية وما يُعرض فيها من أشياء تشيع الفاحشة. وممن تجب عليهم التوبة أيضاً تاركي الصلاة فهناك باب في جهنم يسمى سقر لتاركي الصلاة، وكذلك ليس ترك الصلاة بالكلية فقط بل ترك صلاة الفجر وهي خمس الفريضة، وكذلك الأغنياء وأصحاب الملاين ألا تحتاج أموالكم التي لا تنفقونها إلى توبة، وأيضاً من أهان زوجته لأنها ضعيفة ألا يعلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن الأمر يحتاج إلى توبة؟ وضابط الشرطة الذي آذى الناس وأهانهم ألا يعلم أن أشد الناس عذاباً يوم القيامة أشدهم للناس عذاباً في الدنيا.. ألا يحتاج إلى توبة؟ من أكل أموال الناس واليتامى.. ألا يحتاج إلى توبة؟
وإذا تركنا أمر الكبائر أفلا تحتاج آلاف الصغائر التي تقترف في اليوم إلى توبة؟ وكذلك الغافل عن الله فهو يرى نفسه إنسان محترم وهو بالفعل كذلك ولكنه غافل عن الله، وأحياناً تكون توبته أصعب من توبة العاصي؛ لأن العاصي بعد فترة يشمئز من المعصية أما الغافل فالشيطان يظل يقول لك أنت إنسان ممتاز ولتظل ساه عن الله.. فمتى يفيق هذا الغافل؟ ((أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ..))(المائدة:74) أتشعر بالحنان في الآية؟ كذلك الشباب المتدين الذي لا يفعل شيئاً للدين وهو كله قوة وحيوية.. ألا يحتاج إلى توبة؟ وكذلك العمر الذي مضى في البعد عن الله، والنعم التي ينعم الله بها عليك ولم تشكر الله عليها.. ألا تحتاج إلى توبة؟
يقول سفيان الثوري وهو من قمم التابعين: جلست يوماً أعد ذنوبي فعددتها فإذا هي 21000 ذنب، فقلت لنفسي تلقى الله يا سفيان بواحد وعشرين ألف ذنب، يسألك عن ذنب ذنب، تقف بينك وبين الله ليس بينك وبينه ترجمان يسألك عن ذنب ذنب؟! يقول: فجلست أعد وأتوب أعد وأتوب أعد وأتوب. وقد حكيت في مرة هذه القصة لصديق لي فقال أنه قد فعل هذا الأمر ويحلف لي أنه بعد أن فعل هذا الأمر شعر أنه في قمة الحيوية والنشاط وفرحة تملأ قلبه.
لقد أعطت سورة التوبة التوبة لكل أصناف الناس حتى المشركين وقد ذكرت فيها التوبة سبع عشرة مرة، فيقول الله تبارك وتعالى عن المشركين: ((لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ * فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ..))(التوبة:10-11)، ثم يتكلم بعد ذلك عن الناس التي خلطت عملاً صالحاً وآخر سيئاً: ((وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ..))(التوبة:102)، وحتى للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ((لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ..)) (التوبة:117) فالتوبة مفتوحة لكل الناس.
التوبة في القرآن والسنة:
سنذكر الآيات والأحاديث التي تتكلم عن التوبة لعل القلوب تتحرك بعد هذه البداية الشديدة. يقول رب البيت العتيق: ((قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا)) وهذه الآية تشعر منها أنها تلملم الجراح، فهل من دعوة أكثر من هذه الآية للتوبة؟ فكأنه يقول لك مهما بلغت ذنوبك وبعدت أو شردت فإن أتيت له تقول تبت إليك يقول لك لبيك عبدي، وانظروا للطف الآية فهو يقول يا عبادي ولم يقل يا مجرمين أو يا عصاة، كما أنه قال يا من أسرفوا على أنفسهم ولم يقل ذنباً بعينه ويفضحهم، وبقية الآية يجعلك تهتز بشدة: ((وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ - تعالوا بسرعة - وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ)) (الزمر:54-55)، ثم ينتقل إلى مشهد يوم القيامة: ((أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي - لقد عرض عليك التوبة!- لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً - لو أن هناك فرصة فأتوب- فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))(الزمر:56-58).. إنني أخاف أن تسمع هذه الآية يوم القيامة..((بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)) ((وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ))(الزمر:59-60).
يقول الله تعالى وهو يبين لك أنه يغفر لك ويحبك أيضاً: ((..إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) (البقرة:222)، وإرادة الله منا هي: ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا)) (النساء:27) فكل المذنبين مخاطبين بهذا الآية، فأنتم لن تتحملوا يوم القيامة ((أَفَلاَ يَتُوبُونَ..))(المائدة:74)، ويقول الله تعالى: ((وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ))(الحجرات:11) فقد قسم الناس لتائب أو ظالم لنفسه فلا ثالث لهم.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم من الخطأ: ((يا أيها الناس استغفروا الله فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة))، ألم تقل في مرة تبت يا رب عن ما مضى من ذنوب توبة شاملة وأبدأ معك صفحة جديدة من رمضان حتى ولو كنت متديناً وغفلت عن ربنا، إن التوبة هي أول منازل العبودبة وآخر منازلها، بداية التدين ونهاية الحياة، ولهذا ختمت حياة النبي بسورة التوبة، وآخر آياته بسورة النصر: ((إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ... فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ...)).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق باباً يوم خلق السماوات والأرض تركه مفتوحا، الباب من قبل المغرب، مسيرة الباب مسيرة الراكب سبعين عاما لا يقطعه، يسير الراكب في عرضه سبعين عاما لا يقطعه)) فقال النبي: ((أتدرون ما الباب؟)) قالوا: ((لا يا رسول الله)) قال: ((الباب التوبة)) إن الباب واسع ومفتوح وأكبر من ذنوبك ((فإذا طلعت الشمس من مغربها أغلق)) ولهذا هو من قبل المغرب.. أفلا تتوب؟!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يذنب ذنباً فيقوم إلى الله فيتوضأ ويصلي ركعتين ثم يجلس يستغفر الله إلا غفر الله له ذلك الذنب)) رواه الإمام أحمد، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد أحب إليه العذر من الله)) ولله المثل الأعلى فعندما تعتذر للناس بعد قليل يقولون لك أعذارك سخيفة كفى أما الله سبحانه وتعالى فيحب الأعذار وأن تعتذر له، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيئوا النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئوا الليل)) 24 ساعة يقبل التوبة، ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة، أشكر اليسير من العمل وأغفر الكثير من الزلل، رحمتي سبقت غضبي وحلمي سبق عقوبتي، وأنا أرحم بكم من الأم الشفيقة بولدها، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم)).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يتنزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل كل ليلة ينادي من يدعوني فأستجب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟))، يقول الله تعالى لداود: ((يا داود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إليَّ، يا داود هذه رغبتي بالمدبرين عني فكيف محبتي للمقبلين علي))، ويقول تعالى في الحديث: ((إني والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويُعبد غيري، أرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلي صاعد، أتودد إليهم برحمتي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليَّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليَّ، أهل ذكري أهل مجالستي، أهل طاعتي أهل محبتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم وإن أبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب، من أتاني منهم تائباً تلقيته من بعيد ومن أعرض عني ناديته من قريب أقول له أين تذهب ألك رب سواي؟))، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لللّهُ أرحم بكم من الأم الشفيقة بولدها))
معاني هامة..
•يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جميل جداً: ((إن الله يفرح بتوبة عبده)) ثم يضرب النبي مثلاً على هذه الفرحة فهي أكثر من فرحة رجل يمشي في الصحراء ومعه ناقته عليها طعامه وشرابه وفي وسط الصحراء جرت منه، فأيقن الرجل بالهلاك والموت بينما هو كذلك حفر لنفسه حفرة وقرر أن ينام فيها من شدة اليأس.. تخيل حالة اليأس التي هو فيها.. حالة اليأس التي يكون فيها العاصي والذنوب قد ملأت حياته، فبينما هو كذلك إذا بالناقة فوق رأسه عليها طعامه وشرابه، فمن شدة فرحته يريد أن يشكر الله فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! فقد أخطأ من شدة الفرح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فالله أفرح بتوبة أحدكم إذا تاب من هذا الرجل)) فرحة ليست كفرحة البشر.. سبحانه وتعالى ((..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))(الشورى:11)، إن فرحة الله بتوبتك هي أكبر من فرحتك أنت بتوبتك، ولله المثل الأعلى لأنك عندما تتصدق بمال تكون فرحتك أكثر من فرحة من تصدقت عليه لانشغاله بما أخذ منك ولا يدرك فرحتك أنت به، وكذلك فعند التوبة يكون هناك في القلب انكسارة خجل وألم.. فلا شيء أحب إلى الله من هذه الانكسارة في قلب التائب لأنها حققت قمة العبودية لله سبحانه وتعالى.
•إن التوبة تنقلك إلى أعلى درجات القرب من الله ففي اللحظة التي تتوب فيها تكون حبيبا للرحمن، وهناك أمر يشجعك على التوبة فإبليس اللعين عندما رفض أن يسجد لآدم وطرد من الجنة قال: وعزتك وجلالك لأغوينهم مادامت أرواحهم في أجسادهم، فقال له الله: ((وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما داموا يستغفرونني)).. فلتتوبوا له.
•لماذا يتوب الله علينا كل هذه التوبة؟ وذلك لأنه سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان خلقه للإصلاح في الأرض ((..إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً..))(البقرة:30)، فماذا لو لم تكن هناك توبة؟ سرق أحد أو أكل مال الناس وندم ولكن لا توجد توبة فسوف يسرق مرة أخرى فتفسد الأرض، كم أتمنى أن أسمع عن حاكم أو رئيس جمهورية أو شخص في مصلحة يجمع الناس ويعلمهم التوبة ويقول لهم غداً يوم التوبة من الرشوة أو الكسل أو المحسوبية.. والله سوف ينتجون إنتاجاً؛ لأن التوبة تقوم على فكرة إصلاح المجتمع، فليت بلادنا تصلح نفسها بأسماء الله الحسنى.. باسمك نحيا.
•إن التواب يطلب منك تقليل نقاط الضعف في حياتك وإصلاحها والشكور يُعظم فيك نقاط القوة، وللتوبة دور آخر ففي اللحظة التي تتوب فيها تكون قد عرفت الله سبحانه وتعالى فلن تتوب إلا وقد عرفت أنه عظيم وأنه منتقم وأنه رحيم وأنه غفور فقد عرفته بأسماءه الحسنى كلها في اللحظة التي تتوب فيها.
•ومن الممكن أن تسأل لِمَ لمْ يعصمنا الله من البداية؟! إن الرب هو الذي يربي عباده، الرب سبحانه وتعالى خبير بك فلو أن حياتك بلا ذنوب وكلها طاعة فسوف تصاب بالعُجب ورؤية الذات كما حدث مع إبليس فكفر، فالله سبحانه وتعالى برحمته لم يعصمك من الذنوب. يحكي ابن القيم في أثر جميل كي تفهم لماذا لم يعصمنا الله. وهو عندما أكل آدم من الشجرة ونزل من الجنة وكان يبكي فقال له ربنا: ((يا آدم.. إذا عصمتك وعصمت بنيك فعلى من أجود برحمتي ومغفرتي وعفوي وحلمي وأنا التواب الرحيم، يا آدم.. كنت تدخل علينا في الجنة دخول الملوك على الملوك والآن تدخل علينا دخول العبيد على الملوك وذلك أحب إلينا، يا آدم.. ذنب تتذلل به إلينا أحب إلينا من طاعة ترائي بها علينا، يا آدم.. أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المرائين، يا آدم.. لا تحزن أنني قلت لك اخرج فلك خلقتها ولكن انزل إلى الدنيا وابذر بذر التقوى وأصلح في أرضي حتى إذا اشتقت إلى الجنة تعالى لأدخلك إياها)).
•هناك معنى آخر جميل جداً يحببك في التوبة أكثر وأكثر، فاسم الله التواب له علاقة باسم الله الرحيم، فالتوبة دائماً تذكر مع الرحمة، وقبل ذكر العلاقة فبماذا تحب أن يعاملك الله؟ بعدله أم برحمته؟ إن كان بعدله فسيتركك تعمل ما تشاء في الدنيا ويوم القيامة يواجهك بخطأك ويرميك إلى النار ولكن برحمته يهديك إلى التوبة.. وقد يكون ذلك بإشارة خفيفة أو بمصيبة أو ابتلاء إن لم تكن سريع الفهم، اسمع هذه الجملة واحفظها: إما أن تذهب إلى الله راكضاً أو يأتي بك راقداً. كل هذا كي أربط التواب بالرحيم، وهو يبدأ معك بأن يحببك في التوبة وأنا لي صديق طبيب ومتدين يحكي لي أنه قد ذهب ليفحص مريضة سكر وبعد انتهاءه أصرت أن يوصله ابنها، وفي الطريق بدأ يسأل الابن عن صلاته وعن بعض الأمور الدينية فرد عليه بأن الصلاة هي كلام فارغ! فقال له الطبيب ألا تخاف من النار؟! فأجابه أن أهل النار هم أحسن ناس!! فغادر الطبيب السيارة، وبعد عام ذهب صديقي مرة أخرى ليفحص المريضة بعد أن طلبت منه ذلك فذهب إليها وعند مغادرته طلبت منه أن ينتظر كي يوصله ابنها فرفض ذلك بشدة فقالت له إنه يصلي العشاء بالمسجد وسيأتي فورا! فقرر أن ينتظره وفي الطريق سأله ما الذي حدث؟ فقال له أنه عمل في شركة سياحة تنظم رحلات حج وعمرة وقد كان مع أحد الأفواج وقد ذهبوا هم ليعتمروا وظل هو بالفندق وحده وكلما أقدم على فعل أي حرام لم يجد الفرصة فقرر أن يذهب كي يرى الكعبة لأول مرة في حياته وكان اليوم هو الأول من شعبان في الصباح الباكر وهو يوم غسل الكعبة وفتح بابها، وهو يقف يتفرج فجاءه واحد من آل شيبة وهم أناس كرام عندهم مفتاح الكعبة وقال له أتحب أن تصلي داخل الكعبة؟! فمن الذي فعل هذا؟! فأحرج منه الشاب ودخل داخل الكعبة يقول: كأني أغسل من جديد وأخلق من جديد، يقول دخلت فاسق جاحد خرجت مؤمن موحد أقول تبت يا رب تبت يا رب.. أرأيت كيف أتى به؟
بعد كل هذا الكلام هل تريد أن تتوب؟ هناك آيتين جميلتين جداً، آية تقول: ((..ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا..)) (التوبة:118) فقد سبقت توبة الله توبة العبد، والآية الثانية: ((إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ..))(البقرة:160).. فالآية الأولى وُفق للتوبة فتابوا والآية الثانية قبل التوبة.. فمنه وإليه، فهو يحملك على التوبة فتتوب فيقبل التوبة.. ولكن هو من وفق لها بداية مثل ما حدث مع آدم فعندما أكل آدم من الشجرة كان يجري في الجنة ولم يكن قد تعرف على الله التواب ولا يعرف كيف يسامحه، تقول الآية: ((فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http:// https://buabaelsharif.own0.com/t110-topic
 
هل تعرف ربك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بوابة الشريف :: منتدىالأسماء الله الحسنى-
انتقل الى: